لعل من أهم الصعاب التي تواجه المواطن العراقي هو الابتعاد عن الآخر مكانيا وفكريا والإنصات فقط إلى عدد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل التي تضخ كمية من الخطاب المؤدلج ذات أهداف انتخابية محدودة ، متناسين التنوع الانساني في البلد الواحد والذي خلقنا جميعا فيه ، فالتنوع مفهوم كبير وجميل يؤدي إلى صناعة تعايش سلمي بين أفراد المجتمع وتحويله من قوة ذات مفاهيم مغلوطة مفرقة الى قوة تماسك مجتمعي نحو تحقيق السلام والحوار وتقبل الآخر .

التنوع هو الاعتراف بالفروق الفردية وتقديرها كما أن مفهوم التنوع يشمل القبول والاحترام وهو يعني معرفة أن كل شخص متفرد في ذاته وإدراك اختلافاتنا الفردية ، فالاختلاف هنا هو القدرة على معرفة اهمية التعايش والوقوف على أساس الاحترام والقيم العليا وهذا لا يعني بالضرورة إلغاء المفاهيم السياسية أو الدينية أو الفكرية لكل منا مع الاحتفاظ بالممارسات الخاصة التي تبعث الامان والشعور بالانتماء على أن تكون ذات طابع سلمي .

نحن في العراق اليوم بحاجة ماسة إلى إشاعة مبدأ التعايش والتخلص من التعقيدات الماضية بل ضرورة لحماية مستقبل الإنسان من دعوات الكراهية وخطاب التفرقة والعنف والتهميش وهذا يتطلب تفعيل جانب إقامة الورش والدورات والمؤتمرات ذات الطابع المتنوع للاقتراب أكثر من البعض الآخر ، فمؤخرا أقامت مؤسسة مسارات / المركز الوطني لمواجهة خطابات الكراهية في العراق تدريبا ل30 متطوعا من الإعلاميين والمدونيين من مختلف المناطق ذات التنوع الديني والقومي حول التعرف على التزييف ودراسة اهدافة وتحديد الجهات التي تقف خلفه وطرق التعامل معها .

طوال أيام الورشة الثلاث تم إزالة الشوائب والمعلومات المغلوطة عن الآخر والاقتراب المكاني الذي لعب دورا مهم في كسر الصورة النمطية بل كانت كفيلة لترسيخ مبدأ التعايش السلمي وتغليب لغة الحوار ومعرفة عادات وتقاليد وعمق الآخر ، وهذا ما يدفعنا إلى حماية التنوع وتعزيز لغة التفاهم والتعايش وغرس المفاهيم العليا للحياة في مجتمعاتنا المختلفة .

اترك رد