محمود الشبكي
(كلما كان شاربك طويل كلما كان ايمانك أقوى)، هذا قول مأثور للبكتاشيين والشارب الطويل هو رمز يُمَكِن اتباع الطريقة من تمييز بعضهم أنهما من محبي علي بن أبي طالب (ع)، وللشارب الطويل دلالة من أجل الحفاظ على سر الطريقة البكتاشية وعدم الإفصاح عن الهوية، بمعنى ان الشارب الطويل يجعلك قليل الكلام. يسمى هذا في شرع الإسلام بمبادىء التقية وهو صفة غالبة على البكتاشية حيث انه بالإضافة لكونه مذهبا صوفيا يدعوا للزهد في الحياة والتسامح مع الجميع والتعاون للعيش بكرامة، فأنه وبسبب التقية خلق هالة من الغموض حول طقوس وممارسات الطريقة.
الى جانب التقية شكلت مبادئ البكتاشية شخصية متواضعة وخجولة للفرد الشبكي، فهو بسيط الهندام والمظهر؛ يرتدي زيه الفلكلوري ولا يجيد فنون التلاعب بالأخرين والتحكم بهم، لا يطمع في الحياة سوى في كسب قوته اليومي. لهذا نجد الكاتبة أمل فينوغرادوف والكتاب السابقين لها لم يتوانوا عن وصف الشبكي بأنه خاضع للإقطاعيين. لم يكن الشبكي يوما ذو شخصية ترضى الذل على نفسها، ولكن الأمر وما فيه أن تعاليم مذهب الطريقة البكتاشية تجعلهم سهلي الانقياد في سياق ؛ سامح إن استطعت، لا تظلم أحد، لا تسرق لا تكذب ولا تعتدي على حق وحدود الآخرين. وغيرها من تعاليم الحاج بكتاش ولي.
يعد الشبك الحاج بكتاش ولي من أولياء الله الصالحين وله قدسية ومكانة عالية. أوجد الطريقة بين الشعوب التي كانت تؤمن بالديانة الشامانية لإيمانه بأنه هذه هي أسهل وأفضل طريقة يمكن من خلالها دمجهم بالإسلام وتقريبهم من المذهب الجعفري. وهو حسب سيرته محمد بن موسى محمد خنكار ولي المولود في مدينة نيسابور من أعمال خراسان، والده السيد محمد الملقب بإبراهيم الثاني: وهو من أحفاد السيد إبراهيم المجاب بن الإمام موسى الكاظم (ع).
لطقوس البكتاشية خصوصية من حيثُ الصلاة لا سيما بعد ان يعود الجميع من العمل لبيوتهم الطينية ويتحضرون للخروج ليلا مرتدين زيهم الذي يتناسب مع مناسبات أيام السنة سواء كانت أيام حزن ام فرح، وتسمى الصلاة باللغة الشبكية (جمعه لغ) وكذلك بالنسبة للصوم في أيام ال (خدر ياس) وصوم الايام التسعة الأوائل من شهر محرم الحرام.
كانت ضغوطات العثمانيين للطريقة ذات بعد سياسي متمثل بالصراع بين القزلباشية والسلاطين او الإمبراطورية الفارسية والعثمانية. كانت كل من هذه الامبراطوريات تحاول ان تتوسع في منطقة الاناضول وكسب ولاء الشعوب التي تسكن هذه المنطقة، ولكن السلطة العثمانية كانت شديدة البطش و متعسفة مع الشبك
وبسبب غنى مناطقهم بالموارد الزراعيةو للاشتباه بصلاتهم وعلاقتهم بالقزلباشية فإن الشبك واجهوا تسلط الاقطاعيين عليهم, وقام الوالي العثماني بتمليك أراضي الشبك للاقطاعيين العرب وأمر بجمع الضرائب من الشبك بالقوة، كما و تم استعباد الأطفال للخدمة في الجيش العثماني تحت مسمى (المملوك)، و وردت إشارات واضحة عن خطافين الأطفال المعروفين ب”حامل القدر” (قَزان به كول) في الفلكلور الشبكي.
بطبيعة الصراع فأن الشبك كانوا حلقة ضعيفة ومع التاريخ تم عزلهم في سهل نينوى؛ ولكنهم استطاعوا الحفاظ على هويتهم الدينية والقومية على مر التاريخ وبوجود العديد من الحكومات التي مرت على المنطقة فأن الشبك وبفضل التقية استطاعوا النجاة من مختلف السياسات ك.
لكن هذه السايكولوجيا أنعكست على تكوين صور نمطية مغلوطة عن الشبك وكيل الاتهامات لهم مثل الوثنية والاباحية وغيرها بدون ان يتم الرد عليها ودحضها.
من جهة ثانية أثرت التقية البكتاشية في جعل الشبكي يعيش بوعي الضحية ويكون دائما مترقبا للخطر مما جعل الشبك يتناقلون تاريخهم بشكل شفوي بدون ان يقوموا بتدوينه، وعلى نحو يصعب على السلطة تعقب نسلهم ومعرفة أسرارهم.
يعد العاشق المرتبة الدينية الأولى في الطريقة البكتاشية. ويطلق على من اعتنق الطريقة وتوقف عن الدراسة واكتفى بالحياة العامة اسم (دوريش). يحضرون جميعا في التكيه ويجتمعون جميعا نساء ورجالا، فبالإضافة الى كون اللغة الشبكية لديها ضمير واحد للذكر والمؤنث فأن النساء والرجال عند دخولهم الى التكيه وجلوسهم مع بعض يصبحون جميعا أخوة متساوين لا يوجد شخصا أفضل من آخر.
غالبا ما كانت الآيات والاناشيد التي تقرأ في الموروث الديني الشبكي ما تكون باللغة الشبكية او التركمانية وأما تكون انشاد لبطولات الامام علي (ع) او قراءة لمناقب كربلاء وذكر ما جرى على الامام الحسين بن علي (ع)، وكلتا القرائتين تكون مصحوبة بعزف الطمبورا, الآلة الموسيقية الأساسية في البكتاشية والتي لها قدسية بين الصوفية.